الاثنين، 3 ديسمبر 2012

القنفذ وحصان الأمير


فى يوم مشمس صحو، خرج الأمير الصغير ليتنزه وسط حقول القمح الذهبية وهو يمتطى ظهر فرسه السريع "رعد"..كان "رعد" أو "رعد الأسود" كما يسميه الجنود هو أسرع فرس من بين كل خيول ملك مصر، لذلك لم يستطع أيًا من الحرس أو خيلهم الذين رافقوا الأمير فى نزهته أن يلحقوا به ما أن أسرع "رعد" و بدأ فى العدو.
تلك.. كلك.. .. تلك..كلك.. .. تلك.. كلك.. .. تلك..كلك.. ..
كان الطريق خاليا ولم يكن هناك أى شيىء ليوقف "رعد" عن العدو، أو يجعله يتمهل، فرعد يحب أن يرى الخيل تركض من خلفه ولا تكاد تلحق به، كما أحب الأمير أن يشعرأنه بعيد عن حرسه الشخصى الذى صاحبه فى كل مكان، ولكن فجأه! جذب الأمير الصغير لجام الفرس بقوة وهمزه آمرا إياه أن يتوقف، وفى الحال أطاع "رعد" أمر سيده دون أن يعرف السبب! ونظر إلى الخلف ليرى المسافة الطويلة التى كانت تفصل بينه وبين خيل الحراس وراقبها وهى تدنوا منه وعندما لاحظ رعد تناقص هذه المسافة شعر بالإنزعاج وهز رأسه ملتفتًا إلى الأمام ليرى ماذا كان يعترض الطريق ولكنه لم يرى فى الأفق أى شيىء.. .
حاول "رعد" أن يتلفت إلى الخلف ليطمئن على سيده ولكنه لم يستطع أن ينظر نحوه بسبب السرج الذى يحيط برقبته ولكنه  سرعان ما زال قلقه عندما شعر بيد الأمير الصغيرة تربّت برفق على رقبته السوداء.. فهدأ الفرس وعاد يلتقط أنفاسه وفجأة أدرك لم توقف به الأمير.
ففى أسفل الطريق وعلى بعد خطوتين من الحصان كان هناك قنفذ صغير يحاول عبور الطريق،  كانت هذه أول مرّه يرى الأمير قنفذًا ولم يكن يعرف أن وسط هذه الحقول الذهبية تًَعيش مثل تلك الكائنات البديعة تتنقل من حقل إلى حقل- وبالطبع لم يكن ليترك"رعد" يحطمه تحت أقدامه المسرعة، كان القنفذ  يتحرك ببطء و تؤده دون أن يشعر بأى خوف.
كان ذلك اليوم هو آخر مرة شاهد الأمير أو سمع صهيل فرسه رعد، الذى وقف يزمجر بغضب ويضرب بحافره الأرض أمام القنفذ ولكن القنفذ انطلق فى طريقه لا يسرع ولا يبطىء حتى غاب عن الأنظار وسط عيدان القمح الذهبية.
انتهت نزهة الأمير مبكرًا فمنذ تلك اللحظة لم يعد رعد يجرى وعاد الأمير إلى القصر وخيل الحراس تتباطأ فى خطاها لتلحق بخطى "رعد" المتكاسلة.. ومنذ ذلك اليوم امتنع رعد عن الطعام والشراب حتى أن رئيس اسطبلات الخيل قد أمر بأن يوسم بالجمر فى رأسه لعل ذلك يشفيه من الجنون ولكن دون أمل. تيبست عضلات الفرس وجفت أمعائه وأصابه الهزال الشديد وفارق الحياة دون أن يراه  الأمير الذى لم يعرف ماذا حدث فى ذلك اليوم؟ ولماذا تغير حال فرسه؟

وفى أحد الليالى شاهد الأمير حلما غريبا جفف أنهار حيرته، فلقد رآى نفسه وهو لا يزال أميرًا صغيرًا يمتطى "رعد" ويركض به وسط الحقول ومن خلفه الحراس وخيلهم لا تكاد تلحق بالفرس، ثم رآى نفسه وهو يأمر  الفرس ليتوقف حتى يعبر القنفذ، لم ينتب الفرس فى أول الأمر للقنفذ ولكن عندما نظر إلى الأسفل ورآه، لم يسمع الأمير  فرسه رعد يصهل كما اعتاد سماعه ولكنه رآه ينطق بلسان بشرى وهو يصيح فى القنفذ قائلا:
"تحرك أيّها البطىء!"
ثم شاهد القنفذ وهو يرفع رأسه فى بطأ وتكاسل وقال للفرس:
"وأنت أيّها السّريع!
فيم نفعتك سرعتك وعدوك وسط الحقول إذ جعلت ظهرك مطيّة للإنسان؟"
أذهلت الكلمات فرس الأمير. فعجز عن الرد وطأطأ برأسه نحو الأرض وهو يسمع القنفذ يتمتم بلسان بشرىّ ويقول:
"بطىء.. عجوز..ولكن ظهرى الملىء بالشوك لم ولن يمتطيه أحد!"
عندها عرف الأمير سر الحزن الشّديد الذى حلّ بفرسه حتّى مات، ومرت أيام كثير يحاول الأمير أن يكلم الخيول لكنه أبدا لم يتلقّى اجابة.

الأحد، 7 أكتوبر 2012

villa design


now i m not working on my next book volume, i have some problems in publishing it, in Egypt, but i m into upload some images of my recent architecture work to keep this blog alive, hope u like classic or post modern, this is a remaking design facade for an existing building , i used the same tech i used to with illustrated my book, i hope its work fine.

الأحد، 17 يونيو 2012

حكاية الغيلان الثلاثة(3)


يعرف أهل مدينة الشقوق السيد"بيـ نون"  كما يعرفه سكان منطقة الجحور ويكن له الجميع قدرا كبيرا من الحب والاحترام، فبالرغم من كونه حشره إلا أنه يمتلك شيئا من الحكمة والجنون معا.



تعرض السيد "بيـ نون" لحادث كسر فيه مفصل قدمه السادسة- وصارت حركته صعبه و مؤلمة ولم يعد يستطيع أن يطأ الأرض بقدمه المصابه، ولزم منزله لفترة من الوقت تجنب فيها العديد من الزيارات غير المرغوب فيها حتى أشار عليه أحد الأصدقاء بأن يذهب إلى شاطىء البحيرة ويدفن قدمه المصابه فلى رمالها الرطبة من الظهيرة وحتى غروب الشمس- وهى وصفة قديمة فى علاج مفاصل أرجل الحشرات المصابة، فكرات الكريستال الذهبية وبلورات الملح الأبيض التى تحيط بمياه البحيرة إذا ما جففت رطوبتها أشعة الشمس الذهبية فأنها تصبح علاج سحرى لكل أنواع الجروح والتقيحات وهناك كل أمراض الحشرات قد تشفى إلا الأطراف المقطوعة لا تنبت ثانية.



ولكن الأمر ليس بهذه السهولة فالطريق الى هناك رحلة محفوفة بالمخاطر من غالبة جذور شجرة الجوزاء حيث عاش السيد "بيـ نون"  عبر الطريق المكشوف وحتى شاطئ البحيرة و هى مسافة طويلة للغاية على حشرة مريضة تقف على خمسة أقدام، وهناك أيضا صخرة نهاية الطريق حيث تنتظر الغيلان الثلاث أى حشرة عابرة لكى تأكلها ان لم تعرف كيف تجيب عن السؤال الذى حير كل عالم الحشرات والقوارض، وعند البحيرة توجد التماسيح العملاقة التى لن تقتل خنفسا من أجل الطعام و لكن من  السهل أن تطحنه تحت أقدامها دون أن تشعر به أو تنتبه لصرخاته.

بالرغم من كل تلك الصعاب إلا أن السيد"بيـ نون" قرر أن يقوم بهذه الرحلة و يبدأها مع أول نجم ينطفئ فى سماء المساء حتى يبلغ شاطى البحيرة عندما تتعامد الشمس مع شجرة النسور[1].



ومن أجل تلك الرحلة أعد السيد"بيـ نون" ساق جذر صغيرة و يابسة أشبه ما تكون بالعصا التى يستخدمها العجائز من البشر، و تدرب لأيام كيف يلتقطها بقدميه الأماميتين واللتان أصبح يستخدمهما الآن كيدين تحمل إحداهما العصا بينما هو ينتصب كما لو كان واقفا على أربع أقدام بعد أن حلت العصى كقدم رابعة تحمل وزنه ليتمكن من رفع قدمه المصابه عن سطح الأرض.



قد نرى هذا الأمر شيىء عادى  قد يقدم عليه أى انسان مصاب فى قدمه و لكن بالنسبة لعالم الحيوان و الحشرات كانت تلك الحيلة فريدة و لم ترها الحيوانات من قبل و كانت تصاب بالدهشة فى كل مرة ترى السيد"بيـ نون" يسير منتصبا على أربع – وإحدى أرجله ليست حقيقية!! فكان يبدوا فى وقفته هذه مثل طائر قصير العنق عن حشرة خنفساء.



قضى السيد"بيـ نون" ليلته الأخيرة فى المنزل و هو ينام واقفا و كلما أفاق تمعن فى السماء يراقبها من خلال الفتحة الدائرية فى منتصف باب المنزل وهو يترقب أن يرى أول نجمة تنطفىء شعلتها فى السماء لتبدأ رحلته نحو شاطىء البحيرة.



[1]  وقت الظهيرة

جكاية الغيلان الثلاثة(2)





1-   السيد "بيـ نون"



فى تلك الفترة عاش خنفس صغير يدعى السيد"بيـ نون" (Mr. Bin-non)، كان السيد"بيـ نون" يسكن غابة جذور شجرة الجوزاء وبالتحديد داخل منزل صغير صنعه لنفسه عبارة عن ورقة توت قديمة ويابسة،  كان يضعها مثل باب المنزل ويسندها إلى جوار جزر شجرة الجوزاء.



والحقيقه أن منزل السيد"بيـ نون" لم يكن فيه أى حجرات أو أثاث كان فقط عبارة عن باب يغلقه خلفه و يقضى ليلته و هو يقف بين الباب و حائط الجذر، ومع ذلك كان بالفعل منزلا غريبا لا يفوقه غرابة سوى السيد"بيـ نون" نفسه، فهو لم يفتقد شيئا فى منزله العجيب سوى عين سحرية للباب ومقبض!



كان السيد "بيـ نون" يرى أن أهم ما يلزم المنزل هو باب المنزل، لا يهم كم يكون جحر الحيوان عميق أو متسع أو متوارى عن الأنظار فطالما لم يكن له باب فلن يكون منزلا حقيقيا.



طلب السيد "بيـ نون" من يرقه صغيرة أن تقضم فتحة فى منتصف باب منزله "ورقة التوت" ليصنع بها تلك العين السحرية التى طالما أرادها لباب منزله، وبالفعل فرغت اليرقة ثقبا دائريا فى منتصف ورقة التوت يشبه العين إلى حد كبير لكنها لم تكن سحرية، فلقد كانت الحيوانات التى لا يرغب السيد "بيـ نون" فى زيارتها لمنزله -(أو أمام منزله- حيث كان يفضل الخنفس استقبال ضيوفه بالخارج بحجة أن المكان بالداخل لا يكفى سوى لشخص واحد)- كانت كل تلك الحيوانات تراه و تعلم أنه موجود، فلقد قضمت اليرقه فتحة كبيرة كانت تظهر من خلفها السيد "بيـ نون" بوضوح!



ربما كان السيد "بيـ نون" مجنون كما تقول عنه الحيوانات وكنه لم يكن أحمقًا، ولذلك طلب السيد "بيـ نون" من عنكبوته صغيرة أن تنسج خيوطها داخل فتحة باب منزله،  و بعد أن فعلت صار السيد "بيـ نون" يستطيع  رؤية الضيوف غير المرغوب فيهم من خلال عين بابه التى أصبحت الآن سحرية بحق؛ يرى من فى داخل المنزل من يقف خارجة و تظل الحيوانات بالخارج تنتظر فى حيرة تطرق علىباب منزل السيد "بيـ نون" دون أن تتلقى استجابه وبعد أن يفتك بها مكلل الانتظار تعود أدراجها دون أن تعلم أن السيد "بيـ نون" قد رآها من حيث لم تراه ولزم منزله فى صمت مدعيا عدم وجوده.


قد يظن البعض أن السيد "بيـ نون" هو خنفس منعزل غير ودود يحب الابتعاد عن باقى الحيوانات ولكن الحقيقع عكس ذلك تماما.. .. نعم .. بالفعل الخنافس حشرات إنطوائية- انعزالية- خاصة تلك ذات الدروع السوداء و البنية، فعندما تقابل حشره أحد الخنافس و حيّته فإما أن يلقى عليها الخنفس نظرة احتقار أو اشمئزاز وبالطبع لا يرد عليها التحيّة- أو أن يزيد فينقلب على ظهره مدعيا الموت.. نعم كل الخنافس يجمعها هذا الطبع ولكن ليس السيد "بيـ نون" فهو حشرة ودودة وإجتماعية، محبوب من الجميع وله أصدقاء من كل أجناس التى تستطيع رؤيته! - فـ"بيـ نون" خنفس صغير فى حجم عقلة اصبع طفل

حكاية الغيلان الثلاثة(1)


... الغيلان الثلاثة...



1-   صخرة على الطريق



فى نهاية الطريق الواقع بين مدينة الشقوق ومنطقة الجحور وبالجهة المطلة على شاطئ البحيرة الموحل كانت توجد صخرة صغيرة تقف تماما فى منتصف ذلك الطريق، كما لو كانت تعترضه، وبالفعل كانت هذه الصخرة تسبب حيرة كبيرة للطريق وللمارة فيه من الحيوانات والحشرات الزاحفة.



 كانت الحيوانات  كثيرا ما تتوقف أمام تلك الصخرة لتقرر هل ستنعطف نحو اليمين أم ستتخذ اتجاه اليسار؟ فمن بعد الصخرة لا يمكن للحيوان العابر أن يستمر فى سيره قدما  نحو الأمام ليصل إلى الشاطئ، فالسير فى الطريق المكشوف لبعض الحيوانات الصغيرة يعتبر مصدرا للأمان بعض الشىء، وعندما أتحدث عن الحيوانات الصغيرة فأنا أعنى الحيوانات الصغيرة للغاية من حشرات ودواب الأرض الزاحفة و التى لا تهتم لها الطيور الكبيرة و الجوارح.



ولكن الطيور الكبيرة قد تهتم بالزواحف و الفئران والتى بدورها تعيش فى مدينة الشقوق و منطقة الجحور وتخشى الخروج إلى الطريق المكشوف خوفا من الطيور المحلقة فى السماء منتظرة أى لحظة حاسمة لكى تنقض على فأر عابر أو ثعبان زاحف. ولكن عندما تقرر الحشرة الصغيرة أن تنعطف حول الصخرة جهة اليمين أو اليسار فهذا يجعلها بعض الشىء تعبر فى أرض الشقوق أو مملكة الجحور وهو ليس بالمكان الآمن للحشرات التى تراها بعض الحيوانات لذيذة.



قبل أن أمضى فى سرد هذه الحكاية يجب أن أوضح معنى كلمة لذيذة فى عالم الحيوان حتى لا تساء فهمها، فهى كلمة تختلف تماما فى المعنى عن مثيلتها فى عالم البشر.



فالبشر يسمون بعض الأطعمة لذيذة و الأخرى قد يقولون أنا مفيدة للجسم وضرورية وليست بحلاوة الأطعمة اللذيذة، ولكن الأمر مختلف بعض الشىء بالنسبة لعالم الحيوان، النظام الغذائى كله مختلف، فالبشر لديهم وجبات يومية، إفطار ، غداء وعشاء ولكن فى عالم الحيوان قد لا تحظى بعض الحيوانات بوجبة عشاء لأنها قد أصبحت وجبة عشاء لحيوان آخر. ويوجد نوعين فقط من الحمية الغذائية فى عالم الحيوان؛ أن تأكل أو تأكل



"To eat or to be eaten"



وأما الطعام اللذيذ بالنسبة لهم فهو ما يمتاز بصفتين ؛ أولهما أنه متحرك أو كان يتحرك قبل الأكل والصفة الثانية هى أن يكون أصغر من حجم الفم أو يمكن تقطيعه إلى قطع صغيرة أصغر من حجم الفم أو يمكن ابتلاعه .. .. ربما  منذ زمن بعيد جدا كان نفس معنى كلمة لذيذ لدى الحيوان يستخدم لدى البشر ولكن بالتأكيد كان هذا قبل أن يكتشف الإنسان سر الطهى والطبخ وهو أمر لم تتعلمه الحيوانات بعد.!!



كذلك لم تتعلم الحيوانات كيف تتعامل مع مشكلة الصخرة التى تقف فى نهاية الطريق المكشوف، خاصة بعد أن تطورت هذه المشكلة وأصبحت مصدر معاناة وألم لكثير من الحيوانات المارة التى تستخدم هذا الطريق، وبالنسبة للحشرات الزاحفة  .. كانت معاناتهم مميتة مع تلك الصخرة.



2-   الإجابة الخاطئة



فى آخر أيام حكم الملك "كـا-رون" سيد نسور البحيرة، اعتادت ثلاثة من الضفادع الضخمة أن تجلس فوق الصخرة وتظلان هناك منذ غروب الشمس وحتى الساعات الأولى من شروق شمس الصباح.



كانت الضفادع الثلاث شديدة القبح و ربما كان أبشع ثلاث كائنات قد تقع عليهم العين، فكانت تزهد فيهم الثعابين والضوارى وتخشى الاقتراب منهم من بشاعة هيئتهم، ولقد زاد هذا الأمر سوءا فى حالهن، فلقد طالت أعمارهم و تضخمت أجسادهم حتى أصبحن ثلاث ضفادع عملاقة ترى من أى مكان وصارت الحشرات تسميها الغيلان الثلاث، أما ذكور الضفادع ذات أصوات الغناء القبيحة، فلطالما تجنبت هذه الثلاث ضفادع و عزفت عن الاقتراب منها و التودد إليها و هكذا لم تتزوج أى من الثلاث من بنى جنسها، وعاش ثلاثتهم عمرا طويلا دون أن تستمع أى منهن إلى كلمة طيبة من أى حيوان صديق كان أو عدو و كان الجميع يتحاشاهم.



ولقد سبب هذا الأمر لهن حزنا عميقا لم تفهمه أو تدرحه أى من كائنات البحيرة، فطوال حياة الثلاث لم تحظى أى منهن بأى صحبة سوى صحبة الثلاث ولكن حتى هذه الصحبة و الرفقة لم تكن سببا فى سعادة أى منهن بل كانوا يرون أنفسهن المنبزذات الثلاث كما أسمتهم الزواحف ولم يجدوا أى عزاء فى مأساتهم سوى ذلك الهاجس الذى سيطر على عقولهم، فلقد تنامت فى عقولهم فكرة أن كونهم غير جميلات فهذا بالتأكيد لا يعنى أنهن على نفس الدرجة من القبح، فبالتأكيد يوجد بينهن من هى قبيحة و من هى أقبح منها و تلك التى ستكون أقبح الثلاثة.



وهكذا صورت لهن هذه الفكرة أن احداهن ستكون أجمل من اثنتين وأخرى ستكون أجمل من الثالثة بينما ستظل احداهن من ستحتفظ بلقب الأقبح على الاطلاق. وفى هذه الفكره وجدت الضفادع شيئا من الترضية ولاقت القبول لدى ثلاثتهن، إلا أنهم لم يتفقوا على من منهن هى القبيحة ومن الأقبح ومن الأكثر قبحا على الاطلاق؟



وهكذا قرر ثلاثتهن ان يجلسن على الصخرة التى تعترض الطريق المكشوف الذى تستخدمه الحشرات الذاهبة الى البحيرة أو العائدة منها، وكلما مرت بهن حشرة استأذنوها فى لطف لتحكم بينهن.. من منهن هى القبيحة؟ ومن هى الأقبح منها؟ و من هى الأكثر قبحا؟

ولقد كانت الحيرة التى يتركها هذا السؤال فى أذهان الحشرات عظيمة جدا.. ولا يمكن مقارنتها بالحيرة التى يسببها سؤال:

"هل أتخذ المنعطف الأيمن وأسير عبر أرض مدينة الشقوق؟..أم هل أنعطف يسارا وأسير فوق تلال الجحور؟ "



وكانت الحشرات تقف أمام الثلاثة و تقضى ساعات طويلة تتنقل ببصرها بين وجوه الضفادع الثلاث تبحث عن أى علامة جميلة أو نتوء بارز أو غائر فى أجسامهن أو رؤوسهن العملاقة لتحدد أى منهن الأكثر قبحا.

وبعد فترة طويلة من التأمل تخرج الحشرة بحكمها النهائى و تقول:

" أنت القبيحة وأنت أقبح منها و أنت أقبح الثلاثة"



وكانت اثنتان فقط من الضفادع تسعد بهذه الإجابة بينما الثالثة  وهى صاحبة لقب أقبح الثلاثة فكانت تشعر بالظلم وة أن حكم الحشرة لم يكن عادلا و بسرعة كانت تقفز عاليا و تهبط فوق الحشرة و تلتهمها هى و حكمها وعقلها المريض الذى لا يستوعب معنى الجمال.



ولقد تكررت هذه الحوادث مع الكثير من الحشرات الزاحفة والتى لا يجيد أغلبه الكذب وكانت جميعها تدفع حياتها ثمنا لصدقها.



لقد تغيرت الاجابات وتنوعت الأحكام والأراء ومع ذلك كانت النتيجة تظل واحدة وهى أن تلتهم الضفدعة الأقبح الحشرة الحكم أيا من كانت هذه الضفدعة. وفى كل مرة كانت حشرة جديدة ترى شيئا قبيحا لم تلمحه الحشرة التى سبقتها ومن ثم تفقد حياتها ثمنا لهذا الاكتشاف.



حاولت بعض الحشرات الفطنة أن تتهرب من الإجابة أو أن ترفض وكانت تلك أيضا تدفع ثمن ذلك حياتها حتى تلك الحشرات المسكينة التى ادعت أنها عمياء و لا تبصر.



حاولت الخنافس أن تستنجد بالسحالى الضخمة لكى تنقذها من الضفادع الثلاث ولكن الخنافس التى نجت من التهام السحالى عادت لتخبر رفاقها  بأن السحالى رفضت مساعدتهم وقالت:



" ليس من الممكن أن تأكل السحلية حيوانًــــــا تخشى النظر إليه من فرط قبحه!!.."



وهكذا أصبح الطريق المكشوف ذو نهاية مميتة فى عالم الحشرات و صغار الحياوانات، ولم يعد السؤال الذى تتناقله الحشرات الزاحفة عن أى الضفادع هى الأقبح و صار السؤال الذى يعصف برؤوس الحشرات الصغيرة عن الإجابة التى قد تقولها حشرة و تظل محتفظة برأسها من بعدها..

the white snake "Hees"