الأحد، 15 أبريل 2012

الصقر و الحيات الثلاث(الجزء الثانى)

جاءت الواشية ومن بئر المئذنة نادت عليه بهسيسها الذى يميزه الصقر وسئلته "هل عهدنا قائم؟".. فأجابها: " طبعا طبعا .. وإنى انتظر هذه الزيارة منذ زمن .. فهلا صعدت وتكلمت معى بالأعلى حتى أراك .. ألسنا أصدقاء ؟"
فقالت الحية: "أنا الواشية ولكنى لست حمقاء.. لو خرجت لك لأكلتنى.. وأنا أعلم هذا يقينا.. ولكن ان كنت تريد أن تأكل حية فسوف أساعدك على هذا"
فقال الصقر: "حسننا أيتها الواشية..كيف السبيل إلى أختك؟"

قالت الحية: " إنها ليست مثل المخادعة تخرج نهارا، وهى أكبرنا حجما وأطيبنا طعما ولا سبيل لها إلا أن أخبرك بمحان جحرها ، فنتنتظرها هناك عند شروق الشمس، فذلك الوقت الذى تعود فيه إلى الجحر بعد ليلة صيد، وسوف تكون متعبة ومثقلة بوزن الطريدة، فتستطيع أن تباغتها و تنقض عليها.
قال الصقر: وأين جحرها؟ فعاد هسيس الحية ليرتفع فى جوف المئذنة عندما قالت: " عند مدخل المسجد توجد صخرة عظيمة، تقع أمام المسجد مباشرة وأسفل تلك الصخرة تقضى أختى نهارها"
قال الصقر:" حسنا.. أعدك أن الصيادة لن تزعجك أ تضايقك ثانية"
وفى اليوم التالى خرج الصقر إلى حيث أشارت الحية، وانتظر الحية أن تعود إلى جحرها و بالفعل رآها تزحف متباطئه تستند الى الجدار وهى فى طريقها نحو الصخرة، كان الصقر يراقبها فى صمت وكانت هى تتحرك فى كسل فلم تنتبه له، وفى اللحظة التى صارت فيها الحية أمامه مباشرة و فى متناول ضربة جناحيه.. لم يقفز الصقر فى الهواء ولكنه سكن فى مكانه و ظل يراقب الحية حتى اختفى ذيلها تحت الصخرة دون أن يتحرك أو يؤذيها.
فلقد عصفت فى ذهنة فكرة ألزمته مكانه" ماذا سيحدث لو اصطادها اليوم.. من سيشى بالحية الواشية.. انه اليوم يعرف سر الصيادة ولكن أحدا لم يخبره بسر الواشية كما |أن ثلاث حيات أفضل بكثير من اثنتان وهو بالطبع لا يريد أن يصبح صديقا لحية لم يرها من قبل"
فى ذلك الصباح عاد الصقر الى عشه جائعا وظلت الأفكار تملأ رأسه. كيف السبيل إلى الواشية؟ وماذا سيخبرها عندما تسئله عن أختها؟
عندما غابت شمس ذلك اليوم سمع الصقر هسيس الحية الواشية؛ تسئله لماذا لم يصطاد الحية الكبيرة؟ وسريعا قفزت الإجابة فى رأس الصقر، فادّعى انه ذهب إلى حيث أشارت ولكنه لم يجدها بالرغم من انتظاره عند الصخرة لفترة طويلة!
تعجبت الحية و قالت كيف هذا! هل انتظرتها عند مدخل المسجد الكبير؟
قال الصقر: " لقد طلبت منى انتظارها عند مدخل المسجد و لم تذكرى شيئا أو تحددى اذا كنت تقصدين مدخل المسجد الكبير أم الصغير، وظننت أنك تعنين المدخل الصغير فهو أكثر تهدما وتتناثر حوله الحجارة و الصخور"
فقالت الحية: "اووه.. حسننا .. انها تعيش عند المدخل الكبير تحت الصخرة الكبيرة التى تقع تماما تحت المدخل، قالت الحية هذه الكلمات ثم اختفى صوتها دون أن تطق بكلمة ثانية فلقد كانت فى شدة الغضب.
لم يجد الصقر قد عثر بعد على حيلة ليقنع الحية الواشية فى أن تتسلق المئذنة و تصعد له غير أن يدعى أن به ضعف فى السمع، وفى مساء اليوم التالى جاءت الحية الواشية و سئلته لماذا لا تزال أختها الصيادة تتجول منتصرة فى ساحات المسجد؟ فقال الصقر: "ارفعى صوتك انى بالكاد أسمعك أو اصعدى الى الأعلى لعلى أتبين كلماتك"
فقالت الحية: "أنا الواشية ولكنى لست حمقاء.. لو خرجت لك لأكلتنى.. وأنا أعلم هذا يقينا.. ولكن ان كنت تريد أن تأكل حية فلقد ساعدتك و دللتك على جحر أكبر الحيات"



قال الصقر: " حسننا أيتها الواشية لقد هبت اليوم عند مدخل المسجد الكبير و تبرصت بالصخرة الصغيرة و لكنى لم أجد شيئا"، أجابته الحية مغتاظة: " عن أى صخرة صغيرة تتحدث.. أن لم أقل أبدا أنها تعيش تحت أى صخرة صغيرة. ولكنى قلت انها أكبر صخرة و تقع تماما تحت مدخل المسجد"، قال الصقر: عذرا ان سمعى ضعي وليس بقوة بصرى.. إذن فانت تتحدثين الآن عن الصخرة الكبيرة وليست الصخرة الصغيرة" أجابته الحية فى صوت هادىء : "نعم" فقال الصقر: "فما لونها؟" - فقالت الحية: " هى صخرة مثل باقى الصخور، لا تختلف فى لونها عن أى من حجارة المسجد و لكنها أكبر تلك الحجارة"
قال الصقر : " الآن صرت اعرفها" .. .. لم تزد الحية فى كلماتها للصقر و اختفى صوت هسيسها و لم يبقى حول الصقر سوى رياح الليل تصطدم بحجارة المسجد و تنخرها محدثة أصوات كئيبة فى المساء.
فى تلك الليلة أدرك الصقر أن الحية الواشية لن تصعد له أبدا ولن يراها و ربما لن يفلح فى خداعها، وانه اذا اصطاد الحية الصيادة بالغد فلن يسمع صوت الواشية ثانية، وهنا قفزت فكرة جديدة إلى الصقر" قد لا تكون الصيادة واشية مثل اختها ولكنها ربما تشى لتحافظ على حياتها أو لتنتقم من أختها"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق