الأحد، 17 يونيو 2012

حكاية الغيلان الثلاثة(3)


يعرف أهل مدينة الشقوق السيد"بيـ نون"  كما يعرفه سكان منطقة الجحور ويكن له الجميع قدرا كبيرا من الحب والاحترام، فبالرغم من كونه حشره إلا أنه يمتلك شيئا من الحكمة والجنون معا.



تعرض السيد "بيـ نون" لحادث كسر فيه مفصل قدمه السادسة- وصارت حركته صعبه و مؤلمة ولم يعد يستطيع أن يطأ الأرض بقدمه المصابه، ولزم منزله لفترة من الوقت تجنب فيها العديد من الزيارات غير المرغوب فيها حتى أشار عليه أحد الأصدقاء بأن يذهب إلى شاطىء البحيرة ويدفن قدمه المصابه فلى رمالها الرطبة من الظهيرة وحتى غروب الشمس- وهى وصفة قديمة فى علاج مفاصل أرجل الحشرات المصابة، فكرات الكريستال الذهبية وبلورات الملح الأبيض التى تحيط بمياه البحيرة إذا ما جففت رطوبتها أشعة الشمس الذهبية فأنها تصبح علاج سحرى لكل أنواع الجروح والتقيحات وهناك كل أمراض الحشرات قد تشفى إلا الأطراف المقطوعة لا تنبت ثانية.



ولكن الأمر ليس بهذه السهولة فالطريق الى هناك رحلة محفوفة بالمخاطر من غالبة جذور شجرة الجوزاء حيث عاش السيد "بيـ نون"  عبر الطريق المكشوف وحتى شاطئ البحيرة و هى مسافة طويلة للغاية على حشرة مريضة تقف على خمسة أقدام، وهناك أيضا صخرة نهاية الطريق حيث تنتظر الغيلان الثلاث أى حشرة عابرة لكى تأكلها ان لم تعرف كيف تجيب عن السؤال الذى حير كل عالم الحشرات والقوارض، وعند البحيرة توجد التماسيح العملاقة التى لن تقتل خنفسا من أجل الطعام و لكن من  السهل أن تطحنه تحت أقدامها دون أن تشعر به أو تنتبه لصرخاته.

بالرغم من كل تلك الصعاب إلا أن السيد"بيـ نون" قرر أن يقوم بهذه الرحلة و يبدأها مع أول نجم ينطفئ فى سماء المساء حتى يبلغ شاطى البحيرة عندما تتعامد الشمس مع شجرة النسور[1].



ومن أجل تلك الرحلة أعد السيد"بيـ نون" ساق جذر صغيرة و يابسة أشبه ما تكون بالعصا التى يستخدمها العجائز من البشر، و تدرب لأيام كيف يلتقطها بقدميه الأماميتين واللتان أصبح يستخدمهما الآن كيدين تحمل إحداهما العصا بينما هو ينتصب كما لو كان واقفا على أربع أقدام بعد أن حلت العصى كقدم رابعة تحمل وزنه ليتمكن من رفع قدمه المصابه عن سطح الأرض.



قد نرى هذا الأمر شيىء عادى  قد يقدم عليه أى انسان مصاب فى قدمه و لكن بالنسبة لعالم الحيوان و الحشرات كانت تلك الحيلة فريدة و لم ترها الحيوانات من قبل و كانت تصاب بالدهشة فى كل مرة ترى السيد"بيـ نون" يسير منتصبا على أربع – وإحدى أرجله ليست حقيقية!! فكان يبدوا فى وقفته هذه مثل طائر قصير العنق عن حشرة خنفساء.



قضى السيد"بيـ نون" ليلته الأخيرة فى المنزل و هو ينام واقفا و كلما أفاق تمعن فى السماء يراقبها من خلال الفتحة الدائرية فى منتصف باب المنزل وهو يترقب أن يرى أول نجمة تنطفىء شعلتها فى السماء لتبدأ رحلته نحو شاطىء البحيرة.



[1]  وقت الظهيرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق